بقلم علي خيرالله شريف
هل يمكن لذوي العقول أن يتقبلوا قاضٍ يشوه الحقيقة ويثقوا بحاكمٍ يحكم بغير العدل؟
فبأي منطق يُصَنِّف رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، المقاومة اللبنانية التي حررت الأرض وحمت الوطن على أنها وجه من وجوه تصدير الثورة الإيرانية؟
وهل يتكرم دولته بذكر قرية واحدة إيرانية حررتها المقاومة؟
أم أن دولته يعتبر أرض جنوب لبنان أرضاً إيرانية؟
نحن لم نستغرب أن يكون السيد نواف سلام معادياً للثورة الإسلامية في إيران، لأننا نعرف أن ولاءه كبير لدولة البلطجة الأميركية، وللأسف بهذا الولاء أصبح رئيساً لحكومة لبنان. ولكننا نستغرب مجاهرته بالعداء لإيران، مع أنها لم تستهدفه يوماً لا هو ولا بلده ولا طائفته. بل كانت وما زالت السباقة لدعم لبنان ليصبح دولة حقيقية وقوية. عرضت عليه الدعم في كل الميادين بدون شروط، مراراً وتكراراً، ولكنه رفض تحت ضغط الدول العربية والغربية التي حاصرته واشترطت عليه، لدعمه أن يكون عبداً لها.
إن عداء السيد نواف سلام لإيران دون مبرر، لا ينم عن ذكاء رجل دولة ولا عن حكمة حاكم ولا عن ذهنية دبلوماسية تسعى لمصلحة بلدها. بل ينم عن حقد دفين على الجمهورية الإسلامية. فهل يتكرم ويخبرنا أين رأى تصدير الثورة في علاقة الجمهورية الإسلامية بلبنان؟
إن نغمة تصدير الثورة هذه، هي نغمة ممجوجة عفا عليها الزمن، وكان يستعملها أحباب السيد نواف سلام في واشنطن والرياض، منذ انتصار الثورة، للنيل منها ومحاصرتها، وبها ورطوا صدام حسين في حرب الثماني سنوات ضد إيران.
يحق لنا أن نسأل رئيس حكومتنا المصون؛ هل السفير الإيراني هو الذي صال وجال على المناطق اللبنانية قبل وأثناء الانتخابات البلدية الأخيرة، أم السفير السعودي، والسفيرة الأميركية، وغيرهم من سفراء الدول التي ينحني دولته أمامها دائماً؟ ولماذا أصيب بعض هؤلاء السفراء بالهستيريا بسبب نتائج الانتخابات. وهل كان تصريح السيد سلام اليوم ناتجاً عن عدوى تلك الهستيريا؟
هل إيران هي التي تصدر الثورة إلينا أم الدول الخليجية هي التي تصدر فتاوى التكفير وتوزع الرشاوى في الانتخابات، والدول الغربية تصدر الشذوذ الجنسي وآخرها السيدتان القادمتان من الجامعة الأميركية، اللتان ضُبِطَتا منذ أيام في بعض مدارس الشمال بتفويض من وزارة التربية في حكومة سلام، وهما يعلمان الطالبات أصول الحرية الجنسية والشذوذ.
إذا كان رئيس الحكومة، يسعى إلى تجريد نفسه من صفة "دولة الرئيس"، ويشعر بالضيق بسبب الانتصارات الساحقة لقوى المقاومة في الانتخابات البلدية، ويظن أن تهجمه غير الرصين على إيران يخفف من وهج الانتصار أو يردع الناس عن دعمها للمقاومة، فهو واهم، بل أكثر من ذلك، هو لا يتمتع بالكثير من الذكاء السياسي اللازم الذي يخوله أن يحكم بلداً مثل لبنان أو أصغر من لبنان. وأضحت تصريحاته مجرد تعبير عن مشاعر هوجاء وتنفيس عن أحقاد دفينة.
تحتار الجمهورية الإسلامية الإيرانية كيف تتعامل مع السياسيين الللبنانيين المنفصمين، فهي تقدم لهم الورود وتفرش لهم السجاد الأحمر، بينما هم يقابلونها باللؤم والجحود. وهي تخاطبهم كرجال بينما هم يتصرفون كعبيد مأمورين من أشقى الدول وأكثرهم عداءً للبنان. وهم للأسف يجهلون أو يتجاهلون أن الدول التي تملي عليهم تستعملهم ثم ترميهم عندما تستغني عنهم، كما رمت غيرهم قبلهم.
الثلاثاء ٢٧ أيار ٢٠٢٥